الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

الظّن الحسن مع العلماء..!!


كن هكذا !!
المسلم ينبغي أن يغلب الظن الحسن، ويبتعد عن الظن السيء، ولا سيما مع الأئمة الكبار الذين خدموا السنة-أمثال المحدث الألباني-رحمه الله تعالى-، وشيخنا العلامة ابن باز، والعثيمين وغيرهما-وفي مثل هذا يقول:
أمير المؤمنين عمر-رضي الله تعالى عنه-: (ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيراً، وأنت تجد لها في الخير محملاً). (رواه المحاملي في: "أماليه")
وقال سعيد بن المسيب-رحمه الله تعالى-: كتب إليَّ بعض إخواني من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: (أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئٍ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً) كما في: (الدر المنثور) (6/99/274).
ومن هذا ما رواه البيهقي في: "الشعب" (10/555/556/رقم:7983) بسنده إلى أبي قلابة عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي أنه قال: (إذا بلغك عن أخيك شيء تجد عليه، فاطلب له العذر يحمدك، فإن أعياك فقل: لعلَّ عنده أمراً لم يبلغه علمي) (وسنده حسن، أخرجه هناد في: (الزهد) (رقم:1225) عن أبي أسامة بنفس سند البيهقي، وابن حبان في: (روضة العقلاء) (ص:184) من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي بشر عن مبارك ابن فضالة به).
-وفي رواية لأبي نعيم في: (الحلية) (2/285)، أو: (2/323/رقم:2410-ترجمة: عبد الله بن زيد الجرمي) بسنده إلى أبي قلابة عبد الله بن زيد ابن عمرو الجرمي أنه قال: (إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له العذر جهدك، فإن لم تجد له عذراً فقل في نفسك: لعل لأخي عذراً لا أعلمه)-.
وفي رواية للبيهقي-بسند فيه ضعف-في: "الشعب" (10/555/556/رقم:7991)-ورواه أبو نعيم في: (الحلية) (3/198)-بسنده إلى جعفر ابن محمد أنه قال: (إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره-أو: (تكره)-فالتمس له عذراً واحداً إلى سبعين عذراً، فإن أصبته وإلا قل: لعل له عذراً لا أعرفه).
وكذا عن سعيد بن المسيب-رحمه الله تعالى-أنه قال: (كتب إلى بعض إخواني من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شراً وأنت تجد له في الخير محملاً). 
وأبو نعيم في: (الحلية) (2/285)....).
وورد عند البيهقي-بإسناد فيه من لم يعرف-في: "الشعب" (10/558/559/رقم:7989) بسنده إلى محمد بن سيرين أنه قال: (إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد له عذراً فقل: له عذر).
انتهى من كتابي: (كيف تصير عالماً في زمن النت؟) (ص:715/716)...).
السبت، 8 نوفمبر 2014

(النظم المفيد لشروط كلمة التوحيد) !!




فهذه قصيدة نظمت فيها شروط وتعريف لا إله إلا الله، وتعريف الطاغوت، وأنواعه (الخمسة) بعنوان: (النظم المفيد لشروط كلمة التوحيد) وهذا نصها:
1-واعلم بأن الكفر بالطـــــــاغوت * فــــــــــــــرضٌ من الخـــــالق بالثبوتِ
2-على بني آدم أن يـــلتــــــــزموا * بــــــــــــه وللإيـــــــــــــــــمان أن يـــغتنموا
3-إلهُنَـــا سُبحانـــــــــــــهُ مَن يُعبـــدُ * وَكُــــــــلّ مــــــــــَا بَــــــــرَا لَهُ يُوَحِّــدُ
4-والكفر بالطاغوت يأخذ صفهْ * أقـــــــسامـــــهــــــا أربعـــة مــعرَّفــــــــهْ
5-أولها: أبْطِلْ عبادة ســــــــوى * ربٍّ مُمَـــــجَّدٍ على العــــــرش استـــوى 
6-والثاني: تركها وبغْضهــــــــــا يجِي * في ثَــــــــــــالِثٍ وكـــلُّ ذَا بالحُجَـــجِ
7-ورابعٌ: تكفيــــر أهلها الأولى * قَدْ حُمِّــــلُــوا بالشــــــــرك وزراً أثقَلاَ
8-وأن تُعَادِيهِمْ وتُخْلِي دارَهم * ولاَ تَكُـــــــــنْ مهمــــــا جَرَى جَاراً لهم
9-هــذا ولــلأيمان بــــالرحمــن * مــعنى اعتقـــــــــــادٍ مــا له مــن ثـــانِ
10-أَخْــــلِـــصْ له في أضْرُبِ العبادهْ * ولْتــــــــنفـــها عــــن غــيره إرادهْ
11-وامْحَضْ ذَوِي الإخلاص منك وُدّاً * من قبل أن تأتي الغداة فرداً
12-ووالِــهِــمْ وَاقْـــلَ ذَوِي الإشْـــرَاكِ * وعـادِهِمْ فالْــــغَـيُّ ذُو شَرَاكِ
13-وَتِلْـــــــــكَ مِلَّةُ الخَلِيلِ المُجْتَبَى * منك وعنـــــــــها راغباً تنكَّبا
14-ذي أسوةٌ للناس مــــــــا أحْسَنَهَا * شَريعــــــــــةً للحق قد بيَّنَهَا
15-دلالة الطــــــاغوت في اللسان * مُشْتَـــــــــقَّةٌ من لفظـــة الطــغيان
16-تعني تخطِّي الحد بالمجاوزة * وبالمعاصي الخوضَ فِي المبـــارزهْ
17-كـــــما أتـــى موسى به مُبَلِّغاً * (اذهــــــبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَا)
18-وكُلُّ مَنْ بِـــــذَا المُسَمَّى لُقِّبَــــــا * فَــــــذَاكَ مَعْبُـــودٌ يَطَــالُ الْكَوْكَبَا
19-مُتَّبَعـاً يُطَـــــــاعُ مِنْ قَبِيــــلِ * فِي غَيْرِ طَــــــــــوْعِ اللهِ والرَّسُــــــــولِ
20-وقال قـــــــومٌ إنه الشيطـــــانُ * وغيرهم بــــــل: كـــــــاهنٌ فتَّـــــــــــانُ
21-إن الطــــــواغيـتَ رُؤوسٌ خَـــمْسُ * أعمـــالـهــم مفاسدٌ ورِجْسُ
22-لِـــصفِّـــهِمْ إبــليسُ قد تَــصَدَّرَا * بنهــــــــي شركـــه الكتـابُ أخبرا
23-فحاكم قد غَيَّر الأحكامَــــا * فَجَارَ عَنْ قَصْدِ الهَـــــــدَى إحْجَامَا
24-وَذُو هَـــــوىً لِمَا يَــحِقُّ أبْطَلاَ * مُعَطِّــــــــــلاً لِلْـــحُكم أو: مُبَـــــــدِّلاً
25-وَمُرْتَضِي عِــــبَادةٍ مِنْ دُونِهِ * يَـــا خُسْـــــــرَهُ مَنْ يَرْتَدِدْ عَنْ دِينِــــــــهِ
26-وَاعْــــلَمْ بِــأَنَّ الْمَـــــرْءَ لاَ يُــتَمَّمُ * إيــــمَانُهُ بِــــاللهِ جَـــــــــلَّ الـــــمُنْــــــعِمُ
26-إلا بكـــــــفر المرءِ بالـطــــــــــاغوتِ * وثــــقةٍ بحـــظْــــــــــــوَةِ التثبيتِ
27-فالرّشد دينُ الصادقِ الأمينِ * والغـــــــــيُّ دينُ الجـــــــاهلِ الـمـأفونِ
28-والعُرْوَةُ الوُثـــــــــــــقَى بلى شهادهْ * وأفــــــــــرد الرحمـــــــن بالعبادهْ
29-فلتنف أربعاً وَتُثْبِتْ أربعَا * كي تبلغَ اليــــــــــــوم المكان الأرفـــعَـا
30-إنـــْفِ طــواغـيتاً وإنفِ آلـــهَهْ * كـــذاك أنــداداً وأربـــــــــــاباً سُفَهْ
31-وَأَثْبِتِ القَصْدَ معَ التَّعْظِيـــــــمِ * حُبّــــــاً وَخَــــوْفاً وَرَجَــــــا الكريمِ
32-وابرأ من الأنداد أهلٍ مسكنِ * عَشِيــــــــرةٍ مالٍ فكلٌّ قَـــــدْ فَنِـــي
33-أمَّا عن الأنداد فلْتنفُضْ يَـــــــدكْ * قد ضلَّ مَن نارَ العذابِ أوْرَدكْ
33-لاَ تَقْصِدَنْ سِوى الإله الأحَدِ* فِي الذبح في النــــذر عن ذا لا تَحِدِ
34-بهِ اسْتَغِثْ، لهُ أَنِبْ، واسْتَمْسكِ * بِحَبْلــــــــــِهِ الْمَتِينِ لا، لا تُشْرِكِ
35-فَعَظِّمِ المحبــــــوبَ عند يُسْر ِ* ولا تَوَلَّى عنــــــــــه أَوَانَ عُـــــــــسرِ
36-حـــلاوةُ الإيمانِ في ثــــــــلاثِ * لا تنقُــــــضـــنْ غَزْلَـــكَ في أنكاثِ
37-أولهــــا: تُحبُّ مـــــا قد رَغَّبَا * رَبّـــــــــُك والمرسلُ فيــــه المجتبى
38-والثَّانِ خَوْفُ الْمُبْدِئِي المُعيدِ * كَـــــــــيْ تَحْتَمِي من بطشه الشديدِ
39-والثالثُ الرَّجَاءُ فِي ثَـــــــوابهِ * وفَيْــــــــضِ جُودِهِ على أحْبَابِهِ
40-يُعْنَى بلا إلـــــــــهَ إلا اللهُ * ولا معبـــــــــودَ للـــــــــورى سِــــواهُ
41-شروطُ هذِي الكِلْمَةِ ثَمَانيَهْ * فَلْتَعِـــــــــها كلُّ قُلُـــوبٍ وَاعِيَهْ
42-الكفرُ بالطاغوت فَاجْفُ غَيّا * والعــــــلمُ إثباتاً بهــــا ونفيا
43-ثُمَّ اليقينُ نَابِذاً للشَّــــكِّ * بَعْــــــــــدُ القَبُولُ مُنْقِضـــــــاً للتَّــرْكِ
44-فَالإنْقِيَادُ ظاهراً وباطنــاً * طوعــــــــــاً لها للإمتنـــاعِ بــائنـاً
45-فَالصِّدْقُ من قرارةِ الفُــؤادِ * لا باللســــــــان وحده فنـــــــادِ
46-يليه إخلاصٌ يُنافي الشِّرْكـــــَا * يا حبَّذَا نفْــــــسٌ تفوح مِسْكَا
47-فحبُّها وحبُّ أهلها كما * بُغْضُ الذِي عنْ نهجها قد أَحْجَمَا
48-مَنْ يُــــصْبِحَــنْ لِــــربه موحِّــدا * لِـــجَنَّةٍ عَـــالِيَّةٍ يَـــدْخُلْ غَــــدَا
كتبه أبو الفضل عمر بن مسعود ابن الفقيه عمر بن حدوش الحدوشي-فك الله أسره، وسائر المظلومين- في: 19 ربيع الأول 1428 هـ بالسجن المحلي بتطوان.
الاثنين، 3 نوفمبر 2014

خبر العدل تارة يكون مقبولاً، وتارة يكون مردوداً !!



بسم الله الرّحمن الرّحيم

فائدة: (في بيان أن خبر العدل تارة يكون مقبولاً، وتارة يكون مردوداً)!!

س: متى يكون خبر العدل مقبولاً؟ ومتى يكون مردوداً؟ أو: نغير صيغة السؤال فنقول: إذا كان أهل العدالة والضبط يُقبل حديثهم عند جميع العلماء على كل حال، لكن وجدنا أنهم أحياناً يردون حديث العدل، أما قبوله فواضح لأن قبول رواية العدل هو الأصل، أما رد روايته فخروج عن الأصل، نريد توضيحاً شافياً كافياً؟.

الجواب: الأصل أن خبر العدل مقبول، إلا إذا قام الدليل على أن العدل قد وَهِم في خبره فآنذاك يُرد خبره ولا كرامة، مثل:

1-الحديث الشاذ : (الذي راويه مقبول، وخالف من هو أوثق منه).

2-وكذلك: الحديث المضطرب : (الذي يختلف فيه الحفاظ على أحد الرواة الثقات بوجوه متكافئة ويتعذر الجمع بينهم).

وأحياناً يردون حديث أحد الحفاظ ويقولون: (ليس هذا من حديثه، بل: هو حديث فلان، وإنما دخل عليه أثناء مذاكرة فلان له فعلق في ذهنه وظنه من حديثه، وليس كذلك، كما بين ذلك الحافظ ابن رجب-رحمه الله-في شرحه لـ(علل الترمذي)، ومثل بالزهري.

وإذا أرسل أحد الحفاظ حديثاً ولم يذكر اسم شيخه فيَخاف منه الأئمة ويقولون: (هو حافظ ولو أراد أن يسمي لسَمَّى فلماذا لا يسمي؟ إذاً فشيخه مجروح، مع أن في ذلك نظراً، لاحتمال أنه أرسل الحديث في مجلس وعظ أو: في مناظرة واحتجاج على خصم له أو: غير ذلك من الأمور التي اعْـتـُذِرَ بها على إرسال من أرسل من الثقات، والله أعلم .

(تنبيه): (ولقد شاع بين الناس أن النقد الحديثيَّ يقوم على الإسناد والنظر فيما قرره النقاد الجهابذة من أحوال الرواة جرحاً أو: تعديلاً، وهو أمر يحتاج إلى دراسة وإيضاحٍ، فالنقد الحديثيّ فيما نرى مر بمراحل متعددة:

المرحلة الأولى: وتقوم على نقد المتون، وعلى أساسها تَم الكلامُ في الرواة جرحاً أو: تعديلاً، وهي مرحلة تمتد من عصر الصحابة حتى نهاية النصف الأول من القرن الثاني الهجري، فقد كان الصحابة-رضي الله تعالى عنهم-يرد بعضهم على بعض حينما يستمعون إلى متون الأحاديث المروية، والأحكام المتصلة بها، فترد أمنا عائشة-رضي الله عنها-مثلاً على أبي هريرة وابن عمر وأبيه، ويرد عمر على عائشة وعلى فاطمة بنت قيس، وهلم جرّاً، ويظهر ذلك في العديد من الأحاديث التي ساقها البخاري ومسلم في: (صحيحيهما).

المرحلة الثانية: وهو طور التبويب والتنظيم، وجمع أحاديث كُلِّ محدث والحكم عليه من خلال دراستها، ويتَبَدَّى ذلك في الأحكام التي أصدرها:

1-عليّ بن المديني،

2-ويحيى بن معين،

3-وأحمد بن حنبل،

4-وأبو زرعة،

5-وأبو حاتم الرازيان،

6-والبخاري،

7-ومسلم،

8-وأبو داود، وأضرابهم.

غير أنه لا يخالجنا شك أن بعض العلماء المتقدمين قد تكلموا في الرجال جرحاً أو: تعديلاً لمُعَاصَرتِهم لهم أو: اجتماعهم بهم، مثل:

1-مالك بن أنس،

2-3-والسفيانيين،

4-وشعبة بن الحجاج،

5-وحماد بن زيد،

6-والأوزاعي،

7-ووكيع بن الجراح،

وأن الطبقة التي تلت هؤلاء تكلموا في الرواة الذين أخذوا عنهم، واتصلوا بهم، لكن كيف نفسر كلام كبار علماء الجرح والتعديل ممن عاشوا في المئة الثالثة في رواة لم يلحقوهم من التابعين ومن بعدهم، ولم يؤثر للمتقدمين فيهم جَرْحٌ أو: تعديل، فندعي أنهم اعتمدوا أقوال من سبقهم في الحكم عليهم؟ بيان ذلك في الأمثلة الآتية الموضحة:

1-قال ابن أبي حاتم في ترجمة: أحمد بن إبراهيم الحلبي: (سألت أبي عنه، وعرضت عليه حديثه، فقال: لا أعرفهُ، وأحاديثه باطلة موضوعة كلها ليس لها أصولٌ، يدل حديثه على أنه كذَّاب) .

2-وقال في ترجمة: أحمد بن المنذر بن الجارود القزاز: (سألت أبي عنه، فقال: لا أعرفه، وعرضتُ عليه حديثه، فقال: حديث صحيح) .

3-وقال أبو عبيد الآجري في ترجمة: مسلمة بن محمد الثقفي البصري: (سألت أبا داود عنه، قلت: قال يحيى (يعني: ابن معين): "ليس بشيء"؟ قال: حدثنا عنه مُسدّد، أحاديثهُ مستقيمة.

قلت: حدث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: (إياكم والزَّنج، فإنهم خلق مشوه. فقال: من حدَّث بهذا فاتَّهِمْه!) .

فهذه الأمثلة الثلاثةُ واضحةُ الدلالة على أن أبا حاتم الرازيَّ وأبا داود لم يعرفا هؤلاء الرواة إلا عن طريق تفتيش حديثهم المجموع، وأنهما أصدرا أحكامهما إستناداً إلى ذلك.

ومثل ذلك قول البخاري (ت:256) في إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشْهلي المدني (83-165هـ): منكر الحديث، وقول أبي حاتم الرازي (ت:277هـ) فيه: شيخٌ، ليس بقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به، منكر الحديث، وقول النسائي (ت:303هـ) فيه: ضعيف .

فهؤلاء العلماء الثلاثة لم يدركوه ولا عرفوه عن قرب ولا نقلوا عن شيوخهم أو: آخرين ما يفيد ذلك، فكيف تَمَّ لهم الحصولُ على هذه النتائج والأقوال؟ واضحٌ أنهم جمعوا حديثه ودرسوه، وأصدروا أحكامهم اعتماداً على هذه الدراسة.

وحينما يذكر المتقدمون أن النقد إنما يقوم على العلماء الجهابذة، فليس معنى ذلك أنه يقوم على دراسة الإسناد، يقول ابن أبي حاتم: (فإن قيل: فبماذا تُعْرَف الآثار سلسلة الأحاديث الصحيحة والسقيمة؟ قيل: بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة، ورزقهم هذه المعرفة في كل دهر وزمان) .

ثم قال: (قيل لابن المبارك: وهذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: يعيش لها الجهابذة) .

وهذه المرحلة هي المرحلة الأكثرُ أهمية في تاريخ الجرح والتعديل، وهي التي ينبغي أن تُتبع اليوم، لا سيما في المختلَف فيهم، إذ يَتَعيَّنُ جَمْعُ حديثهم، ودراستُه من عدة أوجه:

أولها: أن ينظر في الراوي إن كان له متابع على روايته ممن هو بدرجته، أو: أكثر إتفاقاً منه.

والثاني: أن يعرض حديثه على المتون سلسلة الأحاديث الصحيحة التي هي بمنزلة قواعد كلية، وهي القرآن الكريم وما ثبت من الحديث، فإن وافقها اعتبرت شواهد لها يتقوى بها، أما الشواهد سلسلة الأحاديث سلسلة الأحاديث الضعيفة فلا عبرة بها.

المرحلة الثالثة: الجمع بين أقوال المتقدمين في الرواة، وبين جمع حديث الراوي وسَبْره وإصدار الحكم عليه، كما نراه واضحاً عند علماء القرن الرابع الهجري مثل:

1-ابن حبان (ت:354 هـ)،

2-وابن عدي الجرجاني (ت:365 هـ)،

3-والدارقطني (ت:385 هـ).

ولعل أبرز من يمثل هذه المرحلة هو ابن عدي في كتابه: (الكامل في ضعفاء الرجال).

كان ابن عدي يعتمد أقوال المتقدمين، فيوردها عادة في صدر الترجمة، ثم يفتش حديث الرجل-وهذا يقتضي أن يجمع حديثه، ويسوق منه أحاديثه المنكرة، أو: ما أنكر عليه، أو: الأحاديث التي ضُعِّف من أجلها، فيدرسها ويُبين طرقها-إن كان هناك طرق أخرى-، ويُصْدِرُ حكماً في نهاية الترجمة يُبين فيه نتيجة دراسته هذه، ويعبر عن ذلك بأقوال دالةٍ نحو قوله:

1-(لم أجد له حديثاً منكراً) ،

2-أو: (لا أعرف له من الحديث إلا دون عشرة)،

3-أو: (هذه الأحاديث التي ذكرتها أنكر ما رأيت له) .

ونحو ذلك من الأقوال والأحكام التي تشير إلى أن الأساس في الحكم على أي شخص جرحاً أو: تعديلاً هي الأسانيد التي ساقها والمتون التي رواها، لا ما قاله أهل الجرح والتعديل فقط.

وقد دفعه هذا المنهج إلى إيراد رجال لم يتكلم فيهم أحدٌ، لكنه وجد لهم أحاديث استنكرت عليهم لمخالفتها ما هو معروف متداول من الأسانيد والمتون، وهو ما يعبر عنه بعدم متابعة الناس له عليها، أو: أنها غير محفوظة، نحو قوله في ترجمة: سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري بعد أن ساق له جملة أحاديث غير محفوظة: (ولسعْد غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه غير محفوظ، ولم أر للمتقدمين فيه كلاماً، إلا أني ذكرته لأبين أن رواياته عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة عامتها لا يتابعه أحد عليها) .

وقضية سعد هذا بيّنها ابن حبان في: (المجروحين) بشكل أوضح، فقال: (يروي عن أخيه وأبيه عن جده بصحيفة لا تُشبهُ حديث أبي هريرة يتخايل إلى المستمع لها أنها موضوعة أو: مقلوبة أو: موهومة، لا يحل الاحتجاج بخبره).

المرحلة الرابعة: التأكيد على نقد السند استناداً إلى أقوال أئمة الجرح والتعديل بعد جمعهم لها والموازنة بينها، ووضع القواعد الخاصة بهذا الأمر مما ظهر في كتب المصطلح، فصححوا الأحاديث التي اتصل بإسنادها برواية الثقات العدول، وخلت من الشذوذ والعلة، وحسنوا الأحاديث التي اتصلت أسانيدها، واختلف النقاد في واحد أو: أكثر من رواتها، وضعفوا الأحاديث التي لم تتصل أسانيدها، أو: ضعف واحد أو: أكثر من رواتها، على اختلاف بينهم بين متشدد ومتساهل بحسب مناهجهم التي ارتضوها، وما أدى إليه اجتهادهم. وقد ظهر هذا الاتجاه منذ عصر أبي عبد الله الحاكم النيسابوري (ت:405هـ) وإلى عصور متأخرة.

المرحلة الخامسة: وهي المرحلة التي سادت بين أوساط المشتغلين بهذا العلم-على قلتهم-في العصور المتأخرة وإلى يوم الناس هذا، وهي التي تعتمد أقوال المتأخرين في نقد الرجال، ولا سيما الأحكام التي صاغها الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى-في: (التقريب) حيث صار دستوراً للمشتغلين في هذا العلم، فيحكمون على أسانيد الأحاديث استناداً إليه، ولا يرجعون-في الأغلب الأعم-إلى أقوال المتقدمين، ولم يكتفوا بذلك بل: راحوا يعتمدون تصحيح أو: تضعيف المتأخرين للأحاديث مثل:

1-الحاكم،

2-والمنذري،

3-وابن الصلاح،

4-والنووي،

5-والذهبي،

6-وابن كثير،

7-والعراقي،

8-وابن حجر، وغيرهم.

مع أن هؤلاء لم ينهجوا منهج المتقدمين في معرفة حال الراوي من خلال مروياته، وإنما اعتمدوا أقوال المتقدمين في نقد الرجال مع تساهل غير قليل عند بعضهم مثل الحاكم وغيره) انتهى من كتاب: (تحرير التقريب) (1/18/وما بعدها)، وسيأتي الكلام مستوفى مع ما هنا وزيادة)

من هم الرواة الذين أخرج لهم البخاري وقد رموا بالتشيع أو الرفض؟!!

بسم الله الرّحمن الرّحيم



الرواة الذين أخرج لهم البخاري وقد رموا بالتشيع أو الرفض:

1-عبدالملك بن أعين الكوفي:

قال أبو حاتم: (شيعي محله الصدق) ولم يروِ له البخاري الا حديثاً واحداً مقروناً بغيره.

2-عوف بن أبي جميلة الأعرابي البصري أبو سهل الهجري من صغار التابعين:

وثقه: أحمد، وابن معين، قال ابن المبارك: (وكان شيعياً)

3-عباد بن يعقوب الرواجني الكوفي أبو سعيد:

رافضي مشهور صدوق ، وثقه: أبو حاتم، وابن خزيمة، وكان يقع في عثمان-رضي الله تعلى عنه-، روى له البخاري حديثاً واحداً مقروناً!!.

4-عبيدالله بن موسى بن أبي المختار العبسي مولاهم أبو محمد الكوفي:

وثقه: ابن معين، وأبو حاتم، والعجلي، وعثمان بن أبي شيبة، وابن سعد وآخرون: (كان يتشيع).

5-عدي بن ثابت الأنصاري الكوفي التابعي المشهور:

وثقه: أحمد، والنسائي، والعجلي، والدارقطني، وابن معين، وأبو حاتم، (وكان يغلو في التشيع على طريقة الكوفيين).

6-علي بن الجعد بن عبيد الجوهري أبو الحسن البغدادي الحافظ:

وثقه: ابن معين، وأبو حاتم ، وتكلم فيه أحمد من أجل التشيع، روى له البخاري من حديثه عن شعبة فقط أحاديث يسيرة.

7-فطر بن خليفة المخزومي مولاهم كوفي من صغار التابعين:

وثقه: أحمد، والقطان، والدارقطني، وابن معين، والعجلي، والنسائي وآخرون، (كان فيه تشيع قليل، روى له البخارى حديثاً واحداً مقروناً بغيره!!).

8-محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي أبو عبدالرحمن الضبي:

من شيوخ أحمد، وثقه: العجلي، وابن معين، وأحمد، وأبو زرعة وآخرون، (وكان فيه تشيع...وكان يترحم على عثمان بل: يدعو أن لا يرحم الله من لا يترحم على عثمان-رضي الله عنه).

9-سعيد بن عمرو بن أشوع الكوفي من الفقهاء:

وثقه: ابن معين، والنسائي، والعجلي، وإسحاق بن راهويه: (وكان يتشيع).

10-خالد بن مخلد القطواني الكوفي أبو الهيثم من كبار شيوخ البخاري: (كان فيه تشيع).

من آخر الصّحابة موتاً ؟!! بقلم فضيلة الشّيخ المحدّث عمر الحدّوشي -حفظه الله- تعالى .


بسم الله الرّحمن الرّحيم

-الفائدة الأولى في بيان آخر الصحابة موتاً:

س: من هو آخر الصّحابة موتاً على ما هو الراجح لديكم شيخنا الحدّوشي؟.

ج: هل تسألين-أم الفضل-فيمن مات منهم آخراً مطلقاً، أو: فيمن مات في إحدى النواحي، لأن سؤالكم فضفاض؟!! ولكن مع ذلك أقول لك: أما آخرهم موتاً على الإطلاق، فأبو الطفيل عامر بن واثلة الليثيُّ كما جزم به مسلم، وكان موته سنة مائة على الصحيح، وقيل سنة سبعٍ ومائة، وقيل: سنة عشرٍ ومائة ولهذا قال القائل:

آخرهم موتاً أبو الطفيل في * مائة أو: عشرة قد اقتفي

وهذا هو الذي صححه الحافظ الذهبي، وهو مطابق لما جاء في: (الصحيحين) أنه-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قال قبل وفاته بشهر: (أرأيتكم ليلتكم هذه، فإن عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ لا يَبْقَى عَلَى وَجهِ الأَرْضِ ممن هو عَليها اليوْم أَحَدٌ).

وفي رواية لمسلم: (أرأيتم ليلتكم هذه، فإنه ليس من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة).

انظر: (أسد الغابة في معرفة الصحابة) (2/530/531/رقم:2747)، و(الاستيعاب) (2/454)، أو: (2/798/799/رقم:1344-دار الجيل، بيروت)، و(الإصابة في تمييز الصحابة) (3/605/رقم:4439-دار الجيل، بيروت).

وقال ابن حجر-رحمه الله تعالى-في: (الفتح): (ووقع الأمر كذلك، فإن آخر من بقي ممن رأى النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-أبو الطفيل عامر بن واثلة كما جزم به مسلم وغيره، وكانت وفاته سنة عشر ومائة من الهجرة، وذلك عند رأس مائة سنة من وقت تلك المقالة، وقيل: كانت وفاته قبل ذلك).

وأما ما ذُكر من أن عِكْرَاشَ بن ذؤيب عاش يوم الجمل مائة سنة، فذلك غير صحيح، كما نص عليه الأئمة.

وأما آخر الصحابة موتاً بالإضافة إلى النواحي: فقد أفردهم ابن مَنْدَه بتأليف خاص، لم نقف عليه، وقد قال عامر-كما في صحيح مسلم-: (عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: (رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ رَجُلٌ رَآهُ غَيْرِي).

وقيل: وآخرهم موتاً بالكوفة، وقيل: آخرهم موتاً بالمدينة النبوية-على ما قال ابن الصلاح-: السائب بن يزيد، أو: سهل بن سعد السَّاعديُّ، أو: جابر بن عبد الله، وقيل: إن جابراً مات بمكة، والجمهور على الأول.

وقد تأخر عن الثلاثة موتاً بالمدينة محمود بن الربيع، مات سنة تسع وتسعين بتقديم التاء فيهما، ومحمود بن لَبيد الأشْهَلِيّ، مات ستة خمسٍ أو: ست وتسعين، وآخر من مات بمكة عبد الله بن عمر، على أن أبا الطفيل لم يمت فيها، وقد مات السائب سنة ثمانين أو: اثنتين أو: ست أو: ثمان وثمانين أو: إحدى وتسعين أقوال.

ومات سهل ثمان وثمانين وقيل: إحدى وتسعين، ومات جابر سنة اثنتين أو: ثلاث أو: أربع أو: سبع أو: ثمان أو: تسع وسبعين والمشهور خامسها.

ومات ابن عمر سنة اثنين أو: ثلاث أو: أربع وسبعين والمشهور ثانيها.

وآخر من مات بالبصرة–بفتح الموحدة أشهر من كسرها وضمها- أنس بن مالك مات سنة تسعين أو: إحدى أو: اثنتين أو: ثلاث أو: سبع وتسعين- في قصره بالطَّفِّ على فرسخين من البصرة-، ودفن هنالك وعمره مائة سنة إلا سنة وهو آخر من مات بالبصرة. ورجح النوويُّ وغيره آخرها.

وآخر من مات بالكوفة عبد الله بن أبي أوفى الأسْلَمِيّ، مات سنة ست أو: سبع أو: ثمانٍ وثَمَانين. وآخرهم موتاً بالشام عبد الله بن بُسْر-بضم الموحدة ثم سين المهملة-المازني، وقيل: أبو أمامة والصحيح الأول، مات الأول سنة ثمان وثمانين على المشهور أو: ست وتسعين أ: و مائة، ومات الثاني سنة إحدى أو: ست وثمانين.

وقيل: إن ابن بسر آخر من مات بحمص، وقيل: آخرهم بدمشق واثلة بن الأسقع، مات سنة ثلاث أو: خمس أو: ست وثمانين، وقيل: مات بالقدس، وقيل: بحمص.

وآخرهم موتاً بالقدس أبو أُبيّ-بالتصغير-عبدالله، ويقال له: ابن أم حرام، واختلف في اسم أبيه، وقيل: عمر بن قيس وقيل: أبيّ، وقيل: كعب: إنه مات بدمشق.

والقدس من مدن فلسطين-بكسر الفاء وفتح اللام وسكون المهملة-وهي ناحية كبيرة وراء الأردن من الشام، فيها عدة مدن كالقدس والرّمْلَة وعَسقلان، وآخر من مات بالجزيرة التي بين دِجْلة والفُرات، والعُرْسُ-بضم العين-ابن عَميرة-بفتحها-الكِنْدِيُّ.

وآخرهم موتاً بمصر عبد الله بن جَزْء وهو الزُّبَيْدِيّ-بالتصغير-مات سنة خمس أو: ست أو: سبع أو: ثمان أو: تسع وثمانين والمشهور ثانيها! وقيل: إنه مات باليمامة، وقيل: مات بِسَفْطِ القُدُور، وتعرف اليوم بِسَفْط ِأبي تراب بالغَرْبِيَّةِ.

وآخرهم موتاً باليمامة الهِرْماس-بكسر الهاء-بن زياد الباهِلِيّ، وقد روي عن عكرمة بن عمار أنه لقيه سنة اثنتين ومائة، فموته إما فيها أو: فيما بعدها.

فإن صَحَّ ذلك أشكل بما مر من أن آخرهم موتاً مطلقاً أبو الطُّفَيْل، وأنه مات سنة مائة على الصحيح.

وآخرهم موتاً ببلاد المغرب رُوَيْفع بن ثابت الأنصاري، مات بِبَرقة، وقيل: بإفريقية، وقيل: مات بالشام.

وآخرهم موتاً بالبادية سَلَمَةُ بن الأَكْوَع، مَات سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة أربع وستين وقيل: مات بالمدينة المكرمة، وهو الصحيح.

وآخرهم موتاً بخراسان بُريْدَة بن الحُصَيْب. وآخرهم موتاً بالرُّخَّجِ-براء مضمومة ثم خاء مشددة مفتوحة-وقيل: ساكنة ثم الجيم-وهي من أعمال سجستان، العداء بن خالد بن هوذة، وبأصبهان النابغة الجَعْدي، وبالطائف عبد الله بن عباس، مات فيه سنة ثمان وستين، وقيل: سنة تسعين، وقيل: سنة سبعين.

وضبط أهل الحديث آخر من مات من الصحابة، وهو على الإطلاق أبو الطُّفيل عامر بن واثلة الليثي كما جزم به مسلم في: (صحيحه)، وكان موته سنة مائة وقيل: سنة سبع ومائة، وقيل: سنة عشر ومائة، وهو مطابق لقول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-قبل وفاته بشهر: (على رأس مائة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد)-كما في: (الفوائد المنتقاة من فتح الباري) (ص:208/259).

ولنذكر نظم العراقي هنا في آخر الصحابة موتاً في كل البلدان تتميماً للفائدة، فنقول: قال رحمه الله:

آخِرُهُم موتاً بِدُونِ مِرْيَهْ * أبــــو الطُّفَيْلِ مات عامَ مَايَهْ

وقَبْله السائب بِالمَدِينةِ * أو: سَهْلٌ أو: جَــــابِر بمــكةِ

وقيل آخرهم ابن عُمَـــرَا * أن لا أبو الطفيل فيها قُبِــرَا

وأنس بن مالك بالبصـــــرة * وابن أبي أوفى قضى بالكوفةِ

والشام فابنُ بُسْرٍ أو ذو باهله * وقيــــل بـــدمشـــــــــــــق واثِـلَهْ

وإنَّ فِي حمصَ ابنُ بُسْرٍ قُبضَا * وَإِنَّ بالجزيرة العُرْسُ قَضــــــى

وبفلسطـــــين أبوُ أُبَـــــــــــــــــيّ * ومِصْرَ فابن الحارث بن جُزَيّي

وَقُبِــــضَ الْهِرْمَاسُ باليَمَــــامَهْ * وقَبْلَهُ رُوَيْفِــــــــــــع بِبَرْقَــــهْ

وقيـــــــــل أفْرِيقيَّةِ وسَلَـــــمَهْ * بـــــــــــادياً أو بِطَيْبَةَ المُكرَّمَهْ

-رضي الله عنهم أجمعين- وشد يدكِ -أم الفضل-على هذا التحصيل فإنه مفيد جداً.

انظر: (كوثر المعاني الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري) (1/26/47/48/49/ 502/523).

وهل تعلمين أن ابن الجوزي فصل في: (المدهش) (ص:52) تحت عنوان: (تسمية من تأخر موته من الصحابة) تفصيلاً جيداً، فقال: (آخر من مات من أهل العقبة:

1-جابر بن عبد الله بن عمرو،

2-ومن أهل بدر: أبو اليسر،

3-ومن المهاجرين: سعد بن أبي وقاص، وهو آخر العشرة موتاً،

-وآخر من مات بمكة من الصحابة:

1-ابن عمر،

-وآخر من مات بالمدينة من الصحابة:

1-سهل بن سعد بن معاذ،

-وآخر من مات بالكوفة من الصحابة:

1-عبد الله بن أبي أوفى،

-وآخر من مات بالبصرة من الصحابة:

1-أنس بن مالك،

-وآخر من مات بمصر من الصحابة:

1-عبد الله بن الحارث بن جزء،

-وآخر من مات بالشام من الصحابة:

1-عبد الله بن بُسْر،

-وآخر من مات بخراسان من الصحابة:

1-بُريدة،

وآخر الناظرين إلى رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-موتاً: أبو الطفيل عامر بن واثلة).

وهناك من قال: إن عيسى ابن مريم آخر الصحابة موتاً!! يمكن أن يكون هذا صحيحاً لو تناوله تعريف الصحبة المعروف والمشهور، وهو طبعاً لا يتناوله، لا منطوقاً، ولا مفهوماً، نعم الخلاف قائم في كون ورقة صحابياً أم لا؟.

2-الفائدة الثانية في بيان آخر التابعين موتاً:

شيخنا الفاضل-فك الله أسركم، وكثّر فوائدكم-لقد أفدتني من هو آخر الصحابة موتاً في الجواب-جزاكم الله خيراً-، فهل تتكرم أيضاً وتبين لي: من هو أول التابعين موتاً؟ ومن هو آخرهم موتاً؟.

الجواب: لقد سال مداد كثير بين أهل العلم في تحديد أول-وآخر-التابعين موتاً، فحتى لا أطيل عليكِ أذكر لكِ في هذا الجواب المختصر-أما إن شئت الاطلاع على ما قيل في الموضوع فدونك: "ذاكرت سجين مكافح" ففيه ما يروي الغلة ويشفي العلة من أقوال العلماء، والكتاب عندكِ لا تطوله يدي الآن-ما قاله العلامة البُلقيني-رحمه الله تعالى-كما في: (كوثر المعاني الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري) (1/56)-بأن: أول التابعين موتاً أبو زيد مَعْمر بن زيد، مات بخراسان، وقيل: بأذريبجان سنة ثلاثين، وآخرهم موتاً خَلَفُ ابن خليفة. مات سنة ثمانين ومائه.

3-الفائدة الثالثة: (صحابي حديثه مرسل ولا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة؟).

س: (متى يكون حديث التابعي متصلاً لا مرسلاً، وعكسه صحابي حديثه مرسل، ولا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة)؟ ج: مما يُلْغَزُ به: تابعي، يقول: قال رسول الله-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-كذا، وحديثه مسند لا مرسل، ويحتج به من غير خلاف، وذلك مثل التَّنُّوخِيّ، رَسول هِرَقْل، فإنه مع كونه تابعياً اتفاقاً محكوم لما سمعه بالاتصال لا بالإرسال، ولا خلاف في الاحتجاج به، فإن محل كون قول التابعي مرسلاً ما لم يسمع من النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-وهو كافر، ثم أسلم بعد موته-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، أو: قبله ولم يره، ثم حدث عنه بما سمع منه، كما وقع للتنوجي هذا، وذلك لأننا إنما رددنا المرسل لجهالة الواسطة، وهي هنا مفقودة، ولذلك لا يقال:

ومرسل منه الصحابي سقط *

كما في منظومة: (البيقونية)، لأننا لو علمنا أن الساقط من السند صحابي لقبلنا المراسيل مطلقاً، وقد صحح وأصلح بعضهم هذا الصدر قائلاً:

ومرسل من فوق تابعٍ سقط *

والأصل أن مراسيل الصحابة حجة على المشهور، قال الشيخ الألباني-رحمه الله تعالى-في: (سلسلة الأحاديث سلسلة الأحاديث الصحيحة) (1/888)، و(غاية المرام) (ص:133): (ومراسيل الصحابة حجة).

وعكسه صحابي حديثه مرسل ولا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة:

مثل محمد بن أبي بكر الصديق وأضرابه ممن رأى النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، وهو غير مميز، فإنه على القول بأنه صحابي حديثه من قبيل مراسيل كبار التابعين، لا من قبيل مراسيل الصحابة.

ويُلْغَزُ به، فيقال: صحابي حديثه مرسل لا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة.

حتى إن بعض العلماء قال عن الحسن بن علي بن أبي طالب: (تابعي)، لكونه صغيراً في السن (البداية والنهاية) (8/150)، لأن الصغير إذا حدث بما سمع يُمكن أن يهم.

وقد قال بعضهم عن طارق بن شهاب: (له رؤية وليست لـه صحبة-كما في: (السير) (12/132)، وكذلك مسألة النجاشي المسلم فهو تابعي من وجه، وصحابي من وجه آخر، فالصحبة بمعنى: اللغوي، لا الشرعي.

انظر: (السير) (1/471)، و(كوثر المعاني الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري الدراري، في كشف خبايا صحيح البخاري) (1/14/56)، و(ذاكرة سجين مكافح) (1/70).

ومن هذا ما ذكره الحافظ ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين أبو زرعة العراقي في كتابه: (تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل) (ص:41)، و(جامع التحصيل) (151)، و(الإصابة) (1/186) نقلاً عن الحافظ ابن عبد البر من: (الاستيعاب) (1/188)، أو: (1/195/196/رقم:240-باب: الأفراد في التاء) في ترجمة: (تمام بن العباس بن عبد المطلب): (.... وله رؤية مجردة، فيكون حديثه مرسلاً، ولكن يتصدى النظر حينئذ فيه، وفي أمثاله ممن يأتي ذكرهم له رؤية مجردة هل مرسله مرسل صحابي أم لا؟).

رجعت إلى كتاب: (الاستيعاب) (1/188)، أو: (1/195/196/رقم:240-باب: الأفراد في التاء) في ترجمة: (تمام بن العباس بن عبد المطلب) فلم نجد فيه ما نقله العراقي في: (تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل) (ص:41)، نعم، وجدت فيه قوله: (وكل بين العباس لهم رواية، وللفضل وعبد الله وعبيد الله سماع ورواية).

وقال الحافظ ابن حجر-رحمه الله تعالى-في: (الإصابة) (1/186)، أو: (1/375/رقم:858) في القسم الثاني: (في ذكر من له الرؤية): (وقال أبو عمر: كل ولد العباس له رؤية، وللفضل وعبد الله سماع).

قال العلامة ابن الأثير في: (أسد الغابة في معرفة الصحابة) (1/244/245/رقم:510): (قال أبو عمر: وكل بني العباس لهم رؤية، وللفضل وعبد الله سماع ورواية)، وبالتأمل فيما نقل هؤلاء الكبار العراقي، وابن حجر، وابن الأثير عن أبي عمر تدرك أنهم نقلوا كلامه بالمعنى، بدليل اختلافهم في الألفاظ واتفاقهم في المعنى.

وقد سألت فضيلة شيخنا العلامة محمد بوخبزة-حفظه الله تعالى-على مرسل الصحابة، وما قاله الصحابة في مرسلهم؟

فأجاب-حفظه الله-قائلاً-بعد البسملة والحمدلة والصلاة على رسول الله وآله وصحبه-والسؤال على الحال-: (جناب الأخ الكريم الأستاذ الفاضل الواعية الداعية أبو الفضل عمر الحدوشي المحترم-حفظه الله ورعاه الله، وأثابه وقواه، وأفرغ عليه صبراً، ووقاه ضيراً وشراً-...وكالعادة فقد تضمن كتابك أسئلة مهمة، أنزلتَها في غير محلها واستسمنتَ ذا ورم، ونفَختَ في غير ضَرَم-وهذا من تواضعه حفظه الله، وإلا فهو جذيلها المحكَّك، وعذيقها المرجَّب-، ولم أجد بداً من جوابك:

قولكم: (كيف يقبل مرسل الصحابي بدون قيد مع احتمال أن يكون المجهول منافقاً؟)، والجواب: أنه عُلم بالاستقراء أن الصحابي لا يُرسل إلا عن صحابي ومَعاذ الله أن يروي صحابي في الدين عن منافق!

وقولكم: (إذا كان الصحابة كلهم عدولاً فما القول في الوليد بن عقبة، وعبد الله بن أبي سرح، وفلان وفلان؟، وحديث: "أصيحابي" الخ يحمل على أمة الإجابة التي ظهرت فيها البدع والانحراف أم ماذا...؟)، الجواب: أن هؤلاء من لا تُسلم صحبتهم كعبد الله بن أبي سرح، وعقبة وقد شفع فيهم عثمان فقُبلت شفاعته وبايع النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-الثاني، وظهر منه من الغَنا، في الفتوحات الإسلامية ما هو معروف، ثم إننا لا نعتقد العصمة في الصحابة، والنبي-عليه الصلاة والسلام-طلب من ربه أن يجعل سبه وشتمه لمن شتمه مغفرته ورحمته، وقبل هذا وبعده فإن من ثبت لعنه وشتمه يُلغَى ويُعرض عنه، ومن عجيب صنع الله أنه لم تصحَّ رواية عن هؤلاء، وحديث: (أصحابي) الخ.

يحمل على أمة الإجابة التي ظهرت فيها البدع والانحراف، وسماهم أصحابه وهم أتباعه كما يقول الفقهاء: أصحابنا الخ وهذا ظاهر... هذا ما استطعت كتابته الساعة، فتقبلوه منفصلين، وعن الأغلاط متجاوزين، وإلى اللقاء والسلام.

تطوان في 12-صفر 1429 هـ من مجلكم أبي أويس محمد بوخبزة).

خبر الآحاد بين القبول والرد !!





خبر الآحاد بين القبول والرد:
وقد قال الحافظ ابن عبد البر-رحمه الله تعالى : (أجمع أهل العلم من أهل الفقه في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به، إلا الخوارج، وطوائف من أهل البدع، وقال: وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات ويجعلها شرعاً وديناً في معتقده على ذلك جماعة أهل السنة) .
هذا قول صحيح عليه الاعتماد، وهو قول أئمة السنة قاطبة، ولا يُتَلفت إلى قول شلتوت في كتابه: (الإسلام عقيدة وشريعة) (ص:74/76): (نصوص العلماء المتكلمين وأصوليين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين فلا تثبت به العقيدة ونجد المحققين من العلماء يصفون ذلك بأنه ضروري لا يصح أن ينازع أحد في شيء)!!.
يقول العلامة أبو قتادة في: (الرد الأثري المفيد) (ص:18-وما بعدها): ذكر كثير من أهل العلم الإجماع السلفي على قبول حديث الآحاد في العقائد وأنه يفيد العلم كما أنه يفيد العمل.
قال السفاريني في: (لوامع الأنوار البهية) (1/19): (يعمل بخبر الآحاد في أصول الدين، وحكى الإمام ابن عبد البر الإجماع على ذلك).
وقال الإمام الشافعي-رحمه الله تعالى-في: (الرسالة) (ص:457/458): (ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذه السبيل (أي: تثبت بخبر الواحد... ولو جاز لأحد أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي.
ولكني أقول: لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد، بما وصفت من أن ذلك موجوداً على كلهم).
قال ابن القيم-رحمه الله تعالى: (وقد صرح الشافعي في كتبه بأن خبر الواحد يفيد العلم، نص على ذلك صريحاً في كتاب اختلاف مالك).
وفي كتاب: (المسودة)(ص:242): قال أبو بكر المروزي: (قلتُ لأبي عبدالله-الإمام أحمد-: ههنا إنسان يقول: إن الخبر يوجب عملاً ولا يوجب علماً، فعابه وقال: ما أدري ما هذا... وظاهر هذا أنه سوى فيه بين العمل والعلم).
وقال السفاريني في: (لوامع الأنوار البهية) (1/18): (نقل أحمد بن جعفر الفارسي في كتاب:(الرسالة) عن الإمام أحمد-رضي الله عنه-أنه قال: لا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله ولا لكبيرة أتاها إلا أن يكون ذلك في حديث كما جاء نصدقه أنه كما جاء فقوله: ونعلم أنه كما جاء نص صريح في أن هذه الأحاديث تفيد العلم عنده).
قال الشوكاني في: (الإرشاد) (ص:48): (وقال أحمد بن حنبل أن يفيد بنفسه العلم).
وقال ابن حزم في: (الأحكام) (1/119/124): (وحكاه ابن خواز منداد عن مالك بن أنس واختاره... وقد ثبت يقيناً أن خبر الواحد العدل عن مثله مبلغاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حق مقطوع به موجب للعمل والعلم معاً).
وقال ابن أبي العز الحنفي في: (شرح العقيدة الطحاوية) (ص:339/400): (وخبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، عملاً به وتصديقاً له يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأمة، وهو أحد قسمي المتواتر.
ولم يكن بين سلف الأمة نزاع في ذلك كالأحاديث المتفق عليها بين الصحيحين:
1-كخبر عمر: (إنما الأعمال بالنيات).
2-وخبر ابن عمر-رضي الله عنهما-: "نهى عن بيع الولاء وهبته".
3-وخبر أبي هريرة-رضي الله عنه-: و(لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها)،
4-وكقوله: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، وأمثال ذلك).
وفي: (مجموع الفتاوى) (20/257/268) لشيخ الإسلام ابن تيمية-أنه يجب-: (أن نتبع الأحاديث الصحيحة التي لا نعلم لها معارض يدفعها، وأن نعتقد وجوب العمل على الأمة ووجوب تبليغها، وهذا مما لا يختلف العلماء فيه.
ثم هي منقسمة إلى:
1-ما دلالته قطعية، بأن يكون قطعي السند والمتن، وهو ما تيقنا أن رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-قاله، وتيقنا أنه أراد به تلك الصورة،
2-وإلى: ما دلالته ظاهرة غير قطعية.
فأما الأول: فيجب اعتقاد موجبه علماً وعملاً، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء في الجملة، وإنما قد يختلفون في بعض الأخبار هل هو قطعي السند، أو: ليس بقطعي؟ وهل هو قطعي الدلالة أو: ليس بقطعي؟ مثل اختلافهم في خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول والتصديق، أو: الذي اتفقت على العمل به، فعند عامة الفقهاء وأكثر المتكلمين أنه يفيد العلم، وذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لا يفيده.
إلى أن قال: وأما القسم الثاني: وهو الظاهر فهذا يجب العمل به في الأحكام الشرعية باتفاق العلماء المعتبرين، فإن كان قد تضمن حكماً علمياً مثل الوعيد ونحوه فقد اختلفوا فيه:
فذهب طوائف من الفقهاء إلى أن خبر الواحد العدل إذا تضمن وعيداً على فعل فإنه يجب العمل به في تحريم ذلك الفعل، ولا يعمل به في الوعيد إلا أن يكون قطعياً، وكذلك لو كان المتن قطعياً لكن الدلالة ظاهرة.
إلى أن قال: وذهب الأكثرون من الفقهاء وهو قول عامة السلف إلى أن هذه الأحاديث حجة في جميع ما تضمنته من الوعيد، فإن أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-والتابعين بعدهم ما زالوا يثبتون بهذه الأحاديث الوعيد كما يثبتون بها العمل...).
وقال أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-في: (مجموع الفتاوى) (16/16/17): (...ومن الحديث الصحيح ما تلقاه المسلمون بالقبول فعملوا به، ... فهذا يفيد العلم، ويجزم بأنه صدق، لأن الأمة تلقته بالقبول تصديقاً وعملاً بموجبه و"الأمة لا تجتمع على ضلالة" ، فلو كان في نفس الأمر كذباً لكانت الأمة قد اتفقت على تصديق الكذب والعمل به، وهذا لا يجوز عليها.
ومن الصحيح ما تلقاه بالقبول والتصديق أهل العلم بالحديث كجمهور أحاديث البخاري ومسلم، فإن جميع أهل العلم بالحديث يجزمون بصحة جمهور أحاديث الكتابين، وسائر الناس تبع لهم في معرفة الحديث، فإجماع أهل بالحديث على أن هذا الخبر صادق كإجماع الفقهاء على أن هذا الفعل حلال أو: حرام، أو: واجب، وإذا أجمع أهل العلم على شيء فسائر الأمة تبعٌ لهم، فإجماعهم معصوم لا يجوز أن يجمعوا على خطأ).
ويقول كذلك-شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-في: (مجموع الفتاوى) (18/70): (...فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة والاثنان: إذا تلقته الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم عند جماهير العلماء، ومن الناس من يسمي هذا المستفيض ، والعلم هنا حصل بإجماع العلماء على صحته، فإن الإجماع لا يكون على خطأ، ولهذا كان أكثر متون (الصحيحين) مما يعلم صحته عند علماء الطوائف:
1-من الحنفية،
2-والمالكية،
3-والشافعية،
4-والحنبلية،
5-والأشعرية،
وإنما خالف في ذلك فريق من أهل الكلام...).
قال الشوكاني-رحمه الله تعالى-في: (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول) (ص:50)، أو: (1/173/174-مكتبة الباز): (... ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه، فإنه يفيد العلم، لأن الإجماع عليه قد صيَّره من المعلوم صدقُه، وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول، فكانوا بين عامل به ومتأول له، ومن هذا القسم أحاديث (صحيحي البخاري ومسلم)، فإن الأمة (قد) تلقت ما فيهما بالقبول، ومن لم يعمل بالبعض من ذلك، فقد أوله، والتأويل فرع القبول...).
قال ابن حزم في: (الأحكام) (1/119): (قال أبو سليمان والحسين بن علي الكرابيسي والحارث بن أسد المحاسبي: إن خبر الواحد العدل عن مثله عن رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-يوجب العلم والعمل جميعاً).
وقال ابن تيمية-رحمه الله تعالى-في: (المجموع) (13/351/352): (إن الحديث الطويل إذا روي مثلاً من وجهين مختلفين، من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطاً، كما امتنع أن يكون كذباً، فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة، وإنما يكون في بعضها، فإذا روى هذا قصة طويلة متنوعة، ورواها الآخر مثلما رواها الأول من غير مواطأة، امتنع الغلط في جميعها، كما امتنع الكذب في جميعها من غير مواطأة.
ولهذا إنما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة، مثل حديث: (اشتراء النبي-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-البعير من جابر)، فإن من تأمل طرقه علم قطعاً أن الحديث صحيح، وإن كانوا قد اختلفوا في مقدار الثمن، وقد بين ذلك البخاري في: "صحيحه"، فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع أن النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-قاله، لأن غالبه من هذا النحو، ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق، والأمة لا تجتمع على خطأ، فلو كان الحديث كذباً في نفس الأمر، والأمة مصدقة له قابلة له لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب، وهذا إجماع على الخطأ وذلك ممتنع، وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو: الكذب على الخبر، فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو: قياس ظني أن يكون الحق في الباطن، بخف ما اعتقدناه، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطناً وظاهراً
ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن "خبر الواحد" إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاُ له أو: عملاً به، أنه يوجب العلم، وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه، من أصحاب:
1-أبي حنيفة،
2-ومالك،
3-والشافعي،
4-وأحمد،
إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك، ولكن كثيراً من أهل الكلام أو: أكثرهم يوافقون الفقهاء، وأهل الحديث والسلف على ذلك، وهو قول أكثر الأشعرية، كأبي إسحاق، وابن فورك، وأما ابن الباقلاني فهو الذي أنكر ذلك، وتبعه مثل أبي المعالي، وأبي حامد، وابن عقيل، وابن الجوزي، وابن الخطيب، والآمدي ونحو هؤلاء، والأول هو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، وأبو الطيب، وأبو إسحاق وأمثاله من أئمة الشافعية، وهو الذي ذكره القاضي عبدالوهاب، وأمثاله من المالكية، وهو الذي ذكره أبو يعلى، وأبو الخطاب، وأبو الحسن ابن الزغواني، وأمثالهم من الحنبلية، وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي وأمثاله من الحنفية، وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجباً للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة).
قال أبو إسحاق الإسفراييني -كما في: (قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث) (ص:85)، أو: (ص:122-بتحقيق: عتر) للقاسمي-: (أهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها "الصحيحان" مقطوع بصحة أصولها ومتونها، ولا يحصل الخلاف فيها بحال، وإن حصل فذاك اختلافٌ في طرقها ورواتها؛ قال: فمن خالف حكمُه خبراً منها، وليس له تأويل سائغ للخبر، نقضْنا حكمَه، لأن هذه الأخبار تلقتها الأمة بالقبول).
وقال ابن حجر في: (شرح النخبة) (ص:24)، أو: (ص:49-بتحقيق: عتر)، وعنه: (قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث) (ص:124-مؤسسة الرسالة): (الخبر المحتف بالقرائن قد يُفيد العلمَ خلافاً لمن أبى ذلك).
قال الشيخ أبو قتادة: هذه أقوال لأساطين العلم وجهابذة الفتوى يرون أن حديث الآحاد يفيد العلم والعمل وأن هذه الأحاديث كما توجب العلم والعمل كذلك هي حجة في العقائد والتصورات والزعم بخلاف ذلك أمر محدث بدعي لم يعلم عند السلف السابقين.
وقال ابن حزم-رحمه الله في: (الأحكام) (1/118): (... ومن البرهان في قبول خبر الواحد: خبر الله تعالى عن موسى-عليه السلام-أنه قال له رجل: إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فصدقه وخرج فاراً وتصديقه المرأة في قولها: {إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فمضى معها وصدقها).
وقال ابن حزم-رحمه الله في: (الأحكام) (1/112/113): (وقد أوجب الله تعالى على كل طائفة إنذار قومها وأوجب على قومها قبول نذارتهم بقوله تعالى: {ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} فقد حذر تعالى من مخالفة نذارة الطائفة-والطائفة في اللغة تقع على بعض الشيء كما قدمنا-ولا يختلف اثنان من المسلمين في أن مسلماً ثقة لو دخل أرض الكفر فدعا قوماً إلى الإسلام وتلا عليهم القرآن وعلمهم الشرائع لكان لزاماً عليهم قبوله ولكانت الحجة عليهم بذلك قائمة وكذلك لو بعث الخليفة أو: الأمير رسولاً إلى ملك من ملوك الكفر أو: أمة من أمم الكفر يدعوهم إلى الإسلام ويعلمهم القرآن وشرائع الدين ولا فرق وما قال قط مسلم إنه كان حكام أهل اليمن أن يقولوا لمعاذ ولمن بعثه رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-وعقد الإيمان حق عندنا؛ ولكن ما أفتيتنا به وعلمتناه من أحكام الصلاة ونوازل الزكاة وسائر الديانة عن النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-، وما أقرأتنا من القرآن عنه عليه السلام فلا نقبله منك ولا نأخذه عنك لأن الكذب جائز عليك ومتوهم منك حتي يأتينا لكل ذلك كواف وتواتر؛ بل: لو قالوا ذلك لكانوا غير مسلمين، وكذلك لا يختلف اثنان في أن رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-إنما بعث من بعث من رسله إلى الآفاق لينقلبوا إليهم عنه القرآن والسنن وشرائع الدين، وأنه- عليه السلام-لم يبعثهم إليهم ليشرعوا لهم ديناً لم يأت هو به عن الله تعالى. فصح بهذا كله أن كل ما نقله الثقة عن الثقة مبلغاً إلى رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-من قرآن أو: سنن ففرض قبوله والإقرار به والتصديق به واعتقاده والتدين به).
قال الشيخ عمر الأشقر في: (الاعتقاد) (ص:88)- حكم منكر أحاديث الآحاد: (ذهب الإمام إسحاق بن راهويه إلى القول بكفره والصحيح أنه لا يكفر لأنه لا يكذب الرسول-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-وإنما يتهم الرواة الذين نقلوا عن رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-بالغلط ولعل الذين ذهبوا إلى القول بكفره نظروا إلى الأحاديث المجمع على صحتها أو: التي تلقتها الأمة بالقبول وليس معنى عدم القول بتكفيره أنه مسلم؛ لا بل: يخشى على مثل هذا أن يصيبه الله بعقاب لأنه أعرض عن قول رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-والله تعالى-يقول: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (سورة الفرقان، رقم الآية:61) ونقول لمثل هذا كما قال الشافعي-رحمه الله تعالى-ليس لك أن تشك في أحاديث الرسول-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-التي رواها الثقات العدول فهذه الأحاديث أصل الدين والدين محفوظ إلى نهاية الزمان).
وأما من رأى أن السنة بالكلية لا تصلح دليلاً للعقائد واليقينات ويزعم أنه لا يرضى إلا بكتاب الله عز وجل فهو كافر كما أفتى به كثير من العلماء:
قال السيوطي في: (مفتاح الجنة) (ص:6): (فاعلموا رحمكم الله أن من أنكر كون حديث النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-قولاً كان أو: فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة كفر وخرج من دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو: مع من شاء الله من فرق الكفرة.
روى الإمام الشافعي-رضي الله عنه-يوماً حديثاً وقال: إنه صحيح فقال له قائل: أتقول به يا أبا عبدالله؟ فاضطرب وقال: "يا هذا أرأيتني نصرانياً؟! أرأيتني خارجاً من كنيسة؟! أرأيت في وسطي زناراً؟! أروي حديثاً عن رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-ولا أقول به؟!) .
وقال ابن حزم في: (الأحكام) (2/80): (ولو أن امرءاً قال: لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل وأخرى عند الفجر لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة ولا حد للأكثر في ذلك وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال).

درر حدّوشية: (إتحاف العُقُول: في محاسن المرأة العطبول) !!



جاء في: (ذاكرة سجين مكافح) لشيخنا العلاّمة المحدّث عمر الحدوشي -حفظه الله- ما نصه:
قرأت بزنزانتي الانفرادية بالسجن المحلي بتطوان صبيحة يوم الجمعة 16 صفر 1428 هـ في كتاب: (طرائف ونوادر، من عيون التراث العربي) للأستاذ نايف معروف (2/105/106)-ونسبه إلى: (بهجة المجالس) (2/13) لابن عبد البر-ما لفظه: (قال بعض حكماء أهل الأدب، كمال حسن المرأة أن تكون أربعة أشياء منها شديدة البياض، وأربعة شديدة السواد، وأربعة شديد الحمرة، وأربعة أشياء مدورة، وأربعة واسعة، وأربعة ضيقة، وأربعة رقيقة، وأربعة عظيمة، وأربعة صغاراً، وأربعة طيبة طيبة الريح.
فأما الأربعة الشديدة البياض: فبياض اللون، وبياض العين، وبياض الأسنان، وبياض الظفر,
وأما الأربعة الشديدة السواد: فشعر الرأس، والحاجبين، والحدقة ، والأهداب .
وأما الشديدة الحمرة: فاللسان، والشفتان، والوجنتان، واللثة.
وأما المدورة: فالرأس، والعين، والساعد، والعرقوبان .
وأما الواسعة: فالجبهة، والعين، والصدر، والوركان.
وأما الضيقة: فالمنخران، والأذنان، والسرة، والفرج.
وأما الرقاق: فالحاجب، والأنف، والشفتان، والخصر.
وأما العظيمة: فالهامة ، والمنكبان، والأضلاع، والعجز.
وأما الصغار: فالأذنان، والفم، واليدان، والرجلان.
وأما الطيبة الريح: فالأنف، والفم، والإبط، والفرج).

قال شيخنا العلاّمة أبو الفضل عمر بن مسعود الحدّوشي: لما قرأت هذا النصّ قلت-مع نفسي-لما لا أحاول نظم هذه الأشياء وأصوغها في قصيدة تشحيذاً للقريحة الشعرية الناشئة، فقلت-تحت عنوان: (إتحاف العُقُول: في محاسن المرأة العطبول) :

سُبْحَانَ مَنْ خَلَقَ الْجَمَالَ وأَتْقَنَا * ولِسِحْرِهِ الأخَّاذِ شَدَّ الأعْيُنَا
في الطَّوْدِ في رَحْبِ السُّهُولِ وأَبْطُحٍ * في البحرِ في الصحراءِ في كلِّ الدُّنَا
في الطيرِ تَسْبَحُ في الْفَضَا أوْ: تَنْثَنِي * فوقَ الغُصُونِ غَدَتْ تُرَدِّدُ أَلْحُنَا
في نَسْلِ آدَمَ في أَجَلِّ جِبِلَّةٍ * تَدَعُ العقولَ بِلَبْسِهَا أن تَفْطِنَا
فانظُرْ إلى حُسْنِ النساءِ لِتُبْصِرَنْ * آياتِ إعجازٍ تُحَيِّرُ مَنْ رَنَا
فبياضُ لَوْنٍ يستبيكُ بَرِيقُهُ * مثل اللُّجَيْنِ يُرِيكَ منه الأَحْسَنَا
وبَيَاضُ ألحاظٍ كَسَيْفٍ مُشْهَرِ * في كَفِّ حامِلِهِ لِحَرْبٍ سُفِّنَا
نَاهِيكَ عَنْ أَسْنَانٍ بِيضٍ لُمَّعٍ * بَرَداً تَلأْلأُ، والرُّضَابُ به اعْتَنَى
أمَّا بَيَاضُ الظُّفْرِ وَاشَوقِي لَهُ! * زَانَ الأناملَ، جَلَّ مَنْ قَدْ زَيَّنَا
واذْكُرْ سَوَادَ الشَّعْرِ لَيْلاً قَدْ سَجَى * يَحْوِي صَبَاحاً تَحْتَهُ بَاهِي السَّنَا
والْحَاجِبَانِ بِبَابِهِ قامَا على * شَأنِ الْمَحَاجِرِ خَادِمَيْنِ تَسَوْدَنَا
هذا ولِلأَخْلاَقِ مَلْمَحُ ظُلْمَةٍ * والْهَدْبُ والأَشْفَارُ تَبْعَثُ أُنْسَنَا
ذاكَ اللِّسَانُ كَأُرجُوَانِ يَا لَهُ! * حُلْوُ الْحَدِيثِ إذَا تَكَلَّمَ بَيَّنَا
أَفْدِي شِفَاةً مثل عُنَّابٍ بَدَتْ * تَشْفِي بِمَوْرِدِهَا الْعَلِيلَ الْمُوهَنَا
وتَخَالُ تِلْكَ الوَجْنَتَيْنِ كَوَرْدَتَي * رَوْضٍ بِلاَ شَوْكٍ تَفَتَّحَتَا لَنَا
واللَّثَّةُ الْحَمْرَاءُ يُسْكِرُ رِيقُهَا * قَلْبَ الْمُحِبِّ فَيَسْتَرِيحُ من الضَّنَا
رأسٌ مُدَوَّرَةٌ وعَيْنٌ أُحْكِمَتْ * نَجْلاَءُ تَفْتِكُ بالفؤادِ إذْ دَنَا
للعرقبانِ وسَاعِدٌ بَضٌّ أَجِزْ * بالاِسْتِدَارَةِ حيثُ رَامَتْ وَصْلَنَا
أمَّا الْجَبِينُ فَكَاللَّوَاحِظِ وَاسِعٌ * والصَّدْر والوَرِكَانِ كَمْ تُغْرِي بِنَا
الضِّيقُ في الأُذُنيْنِ طَابَ وسُرَّةٍ * والْمُنْخَرَيْنِ، كذاك فرج حُصِّنَا
والأنفُ والشفتان والخَصْر اغتَنَتْ * والحاجبان بِرِقَّةٍ تُحيي الْمُنَى
ما أعظم الأضلاعَ والعَجُزَ الشَّهِي * والمنكبينِ وهامَةٍ ما أوزَنَا!
عُوجَا على الفم واليدينِ وأَرْجُلِ * والْمَسْمَعَيْنِ لِصِغْرِهِنَّ فَأَذْعِنَا
طَابَتْ رَوائِحُ فِيٍّ وَإِبْطٍ عَائِرٍ * والأنْفِ أَقْنَى ثم فرجٍ مَا زَنَى

كتبه المحبوس في سبيل عقيدته ودينه أبو رميصاء عمر بن مسعود بن عمر بن حدوش الحدوشي بزنزانته الانفرادية بالسجن المحلي بتطوان بتاريخ: 18 ربيع الأول 1428 هـ